أخبار وتقارير

سياسات الإصلاح الاقصائية تدفع باتجاه تحالفات جديدة في الساحة اليمنية

يمنات – خاص

اعتبر سياسيون ان فرزا جديدا لتحالفات جديدة بدأ يتبلور على الساحة اليمنية، بعيدا عن طرفي التسوية السياسية بموجب المبادرة الخليجية.

واعتبروا أن بداية هذا التبلور بدأت تظهر ملامحها منذ الاحتفال بيوم القدس العالمي الذي صادف الجمعة قبل الأخيرة من شهر رمضان المنصرم، عندما تم الاحتفال بهذه الذكرى بمسيرات وتظاهرات في أكثر من "17" محافظة، من قبل قوى فاعلة في الساحة اليمنية، ليس بينها التجمع اليمني للإصلاح، الذي قاطع تلك التظاهرات والمسيرات، واكتفت عناصره بجمع التبرعات للقدس في المساجد والساحات.

المسيرات الحاشدة التي شهدتها أكثر من 17محافظة، بينت أن تحالف قادم سيظهر على الساحة وبقوة، كند قوي لتجمع الإصلاح، الذي بدأت معظم القوى المنضوية في إطار تحالف أحزاب المشترك تنفر من تصرفاته وتوجهاته الرامية لالتهام الوظيفة العامة، والسيطرة على مفاصل الدولة في الجهازين المدني والعسكري.

وحتى وإن اعتبر تجمع الإصلاح أن الاحتفال بيوم القدس دعا لها الحوثيون، وأطلق عليها كتابهم يوم "القدس الايراني"، إلا أن المراقب للمشاركين في المسيرات والتظاهرات التي خرجت في ذلك اليوم، يكتشف أن اليساريين والليبراليين والقوميين والحركيين والمستقلين شاركوا بقوة في تلك المسيرات.

وفي الوقت الذي خلت تلك المسيرات من عناصر تجمع الإصلاح، حضرت قواعد أحزاب المشترك الأخرى غير الإصلاح بفاعلية، وساهمت في الاعداد والتحضير لتلك المسيرات والتظاهرات في كثير من المحافظات.

وفي ذلك إشارة إلى أن فرزا جديدا وتحالفات جديدة قد بدأ يظهر على الساحة اليمنية منذ توقيع المبادرة الخليجية في نوفمبر من العام الفائت، هذا الفرز يتمحور حول "مع أو ضد" التجمع اليمني للإصلاح، وهو الفرز الذي كان قد أشار إليه المحامي والمستشار القانوني المعروف هائل سلام في منشور له على صفحته في الفيسبوك الشهر الجاري.

وأعتبر سلام أن هذا الفرز الجديد مؤشر على حاجة الاصلاح الملحة لمراجعة جذرية وشاملة لمجمل سياساته ومواقفه وتوجهاته ورؤاه.

مشيرا إلى انها حاجة تقتضيها وبإلحاح ايضا ليس مصلحة الاصلاح نفسه فحسب بل ولاعتبارات عديدة مصلحة البلد كذلك.

وإذا كانت قواعد أحزاب منضوية في إطار تكتل المشترك قد شاركت بقوة في احياء اليوم العالمي للقدس كاصطفاف خارج اللقاء المشترك، فإن كثير إن لم يكن معظم قواعد المؤتمر الشعبي سواء تلك التي لا زالت تناصر صالح أو تلك التي انضمت للثورة الشبابية، تقف هي الأخرى ضمن الفرز النقيض لتجمع الإصلاح.

وكانت أمسية دعا إليها الحوثيون في "خبان" بمحافظة إب في شهر رمضان لإحياء ذكرى استشهاد "الامام علي" قد كشفت ايضا عن هذا التتحالف الجديد الذي بدأ يتخلق ويقف ندا للإصلاح، وتقدم صفوفها الاشتراكيون والمؤتمريون، وحضرتها جموع حاشدة من مديريات "السدة والنادرة ويريم والرضمة"، خاصة أن الإصلاح يعتبر تلك المديريات من أهم معاقله في المحافظة.

اعلام الإصلاح يهاجم بشراسة الحوثيين، ويعتبرهم عدوه اللدود، ويلصق تهمة الحوثية بمن يقف في وجه سياسته التوسعية، بهدف اعطاء الصراع بعدا طائفيا "سنة – شيعة"، لكن الواقع يقول غير ذلك، فالقوى الأخرى التي تناهض الاصلاح من يساريين وليبراليين ومستقلين وقوميين يتواجد على امتداد الوطن، في حين يتواجد الحوثيين بقوة في نطاق جغرافي محصور بثلاث إلى أربع محافظات.

محاولة الإصلاح إعطاء الصراع بعد طائفي مؤشر خطير، كونه سيدفع بالقوى التقليدية المتطرفة إلى واجهة الأحداث، وتصدر مشهد الصراع، ما سيجعل قرار الإصلاح كحزب أسيرا لهذه القوى، وبالمقابل ستهمش القوى المعتدلة، وسيمنع تدفق دماء شابة جديدة إلى مركز القرار في الحزب.

وتبدو الأمور تسير في هذا الاتجاه، فالأحداث الأخيرة التي شهدتها مديرية الشاهل بمحافظة حجة، بدأت ترسم صراع قادم على أساس طائفي في المحافظة المجاورة لمحافظة صعدة التي شهدت ستة حروب، دمرت بنيتها التحتية.

فخلال الاسبوع الماضي نشر إعلام تجمع الإصلاح أن قبيلة العبادلة التي وصفها بكبرى قبائل محافظة حجة، انضمت بمشائخها ووجاهائها وأفرادها للإصلاح، وهو مؤشر على أن تجمع الإصلاح يسعى للتوسع جماهيرا ليس على أساس الاقتناع ببرامج الحزب وأدبياته، وإنما على أساس إذكاء صراع طائفي، بحيث يضمن ولاء قوى تقليدية يبقى ولاؤها مرهونا برضا شيخ القبيلة ذاتها، وهو ما يجعل هذه الولاءات عرضة للتغييرات  حسب مقتضيات الصراع.

وهو ما يعيد إلى الاذهان الانضمامات الجماعية لقبائل في محافظات عمران وصنعاء كانت في صف الحزب الاشتراكي اليمني إلى صفوف المؤتمر الشعبي، بعد حرب صيف 1994م، وهو ذاته الخطاء الذي وقع فيه المؤتمر ودفع ثمنه اليوم، وهاهو الإصلاح يكرر نفس الخطاء.

وبذلك يكون الإصلاح كحزب قد وضع نفسه في صف القوى التقليدية، سواء كانت عسكرية أو قبلية أو دينية، وهي القوى التي ينظر لها جيل اليوم الذي خرج بثورة شبابية انطلقت شرارتها في 16 يناير من العام الفائت، أنها من تقف ضد مشروع الدولة المدنية، وهو الهدف الذي تسعى نحوه الثورة الشبابية الشعبية، ما سيجعل الإصلاح يواجه جيلا جديدا ثائرا، وحتما سيخسر معركته القادمة مع هذا الجيل المتحرر من عقد الماضي والايدلوجيا.

زر الذهاب إلى الأعلى